بسم الله الرحمن الرحيم
لم تكن تعلم ما يُخبّئه لها القدر ... !!
فتاةٌ عاشت طفولتها مثل قريناتها ... أكبر ما تحلم به لُعبة أو عروسة تمارس معها طقوس الأمومة ...
وصندوقٌ صغير لا يحتوي إلا على بعضٍ من الروج المستهلك الباقي مما تركه اللاتي يسبقونها سناً ...
مضت الأيام وبدأت تلك الطفلة تعي ما معنى الأحلام ... وبدأت ترسم ملامح ذلك الحِلم ...!!
كبرت وكبُر معها حِلمها الذي لم يكن سوى قلبُها هو رحِمه الذي أحاط به وأسقاه من عذوبة شخصيتها
وجمال ملامحها الفاتن ... !!
ومرّت السنوات تلو السنوات ... وها هي الآن أنثى محرومٌ على البشر رؤيتها ... لا لشئ إلا لأنها تملك سحراً
في عينيها يُصاب الناظر إليه بالتخدير ولا يقوى على الحِراك ... فتنة الجمال كانت وعذبةُ الروح نشأت ... !!
قلبها الصغير في حجمه ... الكبير في مشاعره ... لم يكن ملكاً لأحد ... بل أقسمت أن لا تعطي مفاتيح ذلك القلب
إلا لمن يستحق أن يكون ملكاً لعرشها المسجي في أقصى حنايا صدرها ... !!
ولأنها لم تتمرس على خُبث البشر ... ولؤم الحياة ... وقعت بين أنياب من لا يرحم ضعفها ... ولا يلقي بالاً لنبضٍ طاهر
تتدفق معه روحها النقية ... !!
جعل منها بقايا أنثى ... وسلب منها أعز ما كانت تفتخر به كبرياؤها الذي لا يشوبه غرور ... !!
أذاقها العذاب بكل أصنافه ... ولم تكن سوى أنثى تئن بصمت ... وبراكين الهم قد اجتاحت ملامح ذلك الوجه الفاتن ... !!
وفي إحدى ليال الشتاء الباردة ...
كانت تقف على زجاج شُرفتها ... وكوبٌ من الحليب ما زال بخار سخونته يتصاعد ...
تنظر لبقايا شجرة ... تجرّدت من أوراقها وثمارها ... ولم يبقى بها سوى أغصانٌ تثير الرعب ... !!
أنفاسها الدافئة ... بدأت تختلط بذاك الزجاج البارد ... لينتج عنه نداً ... كتبت عليه
" ربيع العُمر يمضي " ...!!