ترغمنا دواعي الصدق أن نبوح بما تخدش الصفاء .. وإلا فنحن على العهد نلتزم بصدق الوفاء .. وتـلك قلوبنا صادقة إذا نالت الرضا من أحد تفترش له كل معاني الإخاء .. غير أننا نبحث في ذلك الأحد كل فضائل الصفات ونوازع الطيبة وجمال العشرة .. ونبحث عن ذلك القلب الذي يحتوي المواصفات .. مضغة طيبة حسنة خالية من علامات الملامة والعيوب والنفاق .. وخالية من نزعة التحليق بأجنحة التعالي والكبرياء .. نفس متى ما تواضعت رغم السيرة بالعلم والمعرفة والجاه والمال والمآل .. هي قد تكون كبيرة في مقامها ولكنها تلبس ثياب التواضع والحياء .. تلك هـي النفس التي تميل لها نفوسنا .. وقلوبنا إذا أبت أن تؤاخي أحدهم فأنها لا تأبى لأنها تريد العداء .. ولكنها تعودت أن تسرح وتمرح في رياض المشاعر البيضاء .. مروج الصفاء في الدواخل هي نفسها تغليف الخوارج بالطلاء .. ونحن لا نضع الحب في إنسان إلا إذا تيقنا أنه هو ذلك الإنسان بالمعنى المتسامي .. دون الرجوع لمنبع الإنسان في المكان أو الزمان .. ودون التنقيب عن زلات قد نالت السيرة في ماضي الأجداد .. أو دون التمسك بملامح قد تلوح في الأذهان .. فلا نحمله وزر الماضي أو التاريخ فليس هو الذي يلام بزرع الآخرين .. فعيوب الثمار لا يتحملها صاحب الحصاد .. ومقدار الإنسان لدينا بمقدار تعلقه وتمسكه بالدين والأخلاق والقيم .. ومتى ما أفرط الإنسان في جنب من جوانب الأخلاق أو العرض أو الشرف فهو ذلك المسقوط من حساباتنا .. وعند ذلك فهو ذلك الصغير مهما تنافخ كالبالون .. ورب صغير في حساب الأعمار برفقة الأخلاق وحسن السيرة هو أعلى مقاماَ من كبير الأعمار وهو يمرح في بوتقة الأدران .. تلك هي معاييرنا عند البحث عن الإنسان .. فليتيقن الآخرون أن مجالسنا وسيرتنا كالمحجة البيضاء .. والرفقة في مواكبنا شرف يشرف من ينتمي .. ومتى ما رأيتنا نلتقي جماعات وجماعات وزرافات وزرافات فتلك الجموع خالية من الآفـات .. لأننا لا نسمح أن يتوسطنا من هو دون المقام في معايير الأخلاق .. ونعلم جيداَ أن خدش الزنابير يعيب عرجون العنب .. فلذلك تخلو رياضنا من كل أنواع الزنابير .. والثمار في معيتنا قطوف طيب حلو المذاق .. ويطيب الحديث كثيراَ عن ساحة تمثل شواطئ للملائكة .. تخلو من المنقصات والمهلكات .. نبتسم لبعضنا والابتسامة مخلصة غير متكلفة أو مصطنعة .. ونمد اليد لبعضنا البعض واليد الممدودة ليست بتلك التي تؤلم بالمن والأذى .. ورؤية بعضنا البعض بعد طول غيبية هي كرنفال من العواطف العميقة الصادقة .. واحتفال تسايرها دموع فرحة تزرفها العيون على استحياء .. وغائب الشهر فينا كأنه غائب الدهـر .. تجدنا نتزاحم الساحات إذا نال السقم أحدنا .. والكل أشد ألماَ من صاحب الداء .. ومع ذلك هو ينسى معاناة السقم بمعية الرفقة المؤازرة .. ثم ينسى الآلام في معية القلوب المحاطة .. ونحن لا نترك من يستحق العزاء وحيداَ بل نحن في المواساة والعزاء سواء .. وفي دروب الحياة إذا التقينا مصادفة فنحن لا نمر مرور الكرام بل لا بد من وقفة تعني أننا على شوق نلتقي في محبة